حَلُم الإنسان بالخلود طويلاً ولكنه لن يحقق هذا الحلم، وحلُم الإنسان بالخروج إلى الفضاء فحقق ذلك الحلم ولكنه لن يتمكن من الإقامة خارج الأرض لأنه منها خُلق وإليها سيعود كما قال تعالى: (مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى) لما في ذلك من تأثير سلبي لانخفاض الجاذبية الأرضية على بعض خلايا جهاز المناعة في الجسم، حيث تتوقف عن العمل أو يفقد الجسم سيطرته على توجهاتها، وهو ما يؤدي إلى سهولة الإصابة بالأمراض أو تنشيط الفيروسات في الجهاز العصبي....كما ان انعدام الجاذبية لفترات طويلة يؤدي إلى مشاكل صحية لا حصر لها استنادا الى نتائج تم التوصل إليها من خلال اختبارات تحاكي انعدام الجاذبية في الفضاء،
توصل العلماء إلى أهمية الجاذبية الأرضية لوجود الحياة على سطح الأرض واستمرارها، وأن الحياة خارج كوكب الأرض مستحيلة. وعلى الرغم من التقدم العلمي فإن كثيراً من أسرار الحياة تبقى غامضة أمام العلماء، فأن العلم -وإن تقدم تقنياً- فإنه يقف عاجزاً أمام تفسير الكثير من الظواهر لاسيما تلك المتعلقة بعلوم الأحياء سواء في النبات أو الحيوان أو الإنسان...
وما نريد ان نقوله هنا انه كلما تطور العلم واقترب من الحقائق اليقينية لابد أن يلتقي مع القرآن، وهذا ما يؤكده القرآن في آية عظيمة يقول فيها تبارك وتعالى عن القرآن: (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا)
وها نحن نشاهد الباحثين يؤكدون استحالة الإقامة والسكن خارج الأرض، وهو ما أخبر عنه القرآن بقوله تعالى مخاطباً الإنس والجن: (قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ * قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ)
وفي آية أخرى يذكرنا رب العزة جل وعلا بنعمة عظيمة أن جعل الأرض قراراً، أي لا تستقر أجسامنا ولا تعمل بكفاءة عالية إلا على الأرض، لأن الله صمَّم الإنسان ليعيش على هذه الأرض، يقول تعالى: (اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) وتأملوا معي هذه العبارة (الْأَرْضَ قَرَارًا) والتي تشير إلى دور الجاذبية الأرضية في استقرار الإنسان على الأرض، ولولا هذه الجاذبية لانقرض البشر منذ زمن بعيد، فالحمد لله رب العالمين اولا واخيرا...